الشجرة المقدسة

 

 

بوزيان bouziane

الشجرة المقدسة

 

    كان قد أعدّ قائمة مدونة بأسماء الموجبات والمحظورات كي يوزعها على الأهالي يوما قبل حلول العيد. كي يُشعر زعيم القبيلة أفراد قريته أنه يعمل من أجل سعادتهم ورفاهيتهم، في مجتمعه القبلي الذي يسُوسُه القانون، وحتى لا يرتاب أحد ويتطلّع إلى تلك المحظورات، لقد اختار يوم غبطتهم وانشغال مهجهم بإقامة الأفراح واستنزاف بشائرها بالأطراح، فأعطى نسخة منها لأحد الشباب كي يوزعها على البقية، وبينما هو سارح ليلة العيد يجوس بأطراف الأحياء يستمتع بالهواء النقي كادت شعلة نفسه من داخله تتقد غبطة وسرور، بما أقدم عليه، فأطلق ضحكة التكبّر والسخرية من جوفه الممتلئ دسما ولسان حاله يقول: يا لها من عادات وتقاليد! ورثناها أبا عن جد باسم الشريعة والقانون كي نسود.. أهههه.. ونعتاش كما يعتاش الزؤام بين عيدان القمح! قال وانصرف مختفيا متمايلاﹰ بين أعواد القصب النابتة قبالة منزله وتحت وقع إيقاع الدسيسة وشغف النهم التي أعطاها لها وقع إيقاع الأقدام على العيدان الجافة.

  وفي الأيام القليلة التالية تداولت أخبار تقول أن زعيم القبيلة قد أجاز لِأهالي القبيلة بناء ما يحلو لهم من بيوت وأكواخ داخل حقولهم وممارسة نشاط البيع والشراء فيها، كما أجاز لشباب الحي اللهو والسمر متى يشاؤون، وفي أي مكان يشاؤون، شرط أن لا يجلبوا الأذية لأحد، كما أمر المتعلمين أن ينتقلوا للعمل في المدينة بالتناوب وأن يتركوا العمل الزراعي لمن هو أولى به، وأوجب على المطلّقات مبادلة سلعهن مع الناس عبر مجلس القبيلة الذي أعضاؤه نواب الزعيم، كما فرض على الجميع صلاة الابتهال والتضرع عند الشجرة المقدسة بمجرد الشعور بقرب حدوث الكوارث، وأمر المزارعين الفقراء دهن أغصان الشجرة المقدسة التي مجّدها الرب قبالة قبيلتهم.. هناك على ربوة مشرفة على بيت الزعيم، مجاورة لغابة الصنوبر الحلبي؛ كيما ينتشلهم الرّب من غبنهم وهكذا لم يفُت الزعيم الشيخ أي تشريع يخص مشاغل الناس إلاّ نظر فيه وأصدر حكمه فيه، ومن لا يُطبّقه ستحل به لعنة السماء قبل لعنة مجلس القبيلة وعقابه غضبا من شيوخ وأسياد وحكماء أعيان القبائل وساء ذلك كله سبيلا، إلا أن فتيات القبيلة قد إمتعضن كثيرا أكثر من غيرهن لِما جاء وسرى بين الناس والأهالي عرفا وشرعا عن بركات الشجرة المقدسة، ولأن تلكم هي عادة مقدسة جرت وسرت ليس لهن من بد غير العمل بالتقليد والسنة مسيّرات غير مخيرات، وبالنسبة لهن بالخصوص واللواتي فاتهن سن الزواج ولم يتزوجن أو من لم يحملن إلا بالإناث فعليهن الذهاب إلى الشجرة المقدسة باكرا والرقص بزينتهن حولها سبع دورات يمينا وسبع دورات يسارا ثم معانقتها فالعودة إلى بيوتهن لتبارك الآلهة ذلك وترسل بعولاً لهن للزواج منهن.

 .... وتتبدّل الأجواء وتُبارك تبدُّلها الأجواء في شكل "الشجرة".... لكن بها روح "الشجرة" وإلّا ما تذَكَّر النسيم العليل الشكل الحاضر للأشياء والموجودات والماضي آملا في مستقبل يحدُسه بكل حواسه... ويرقُبُها كما يراقِب الزعيم الشيخ القبيلة...                                                        

وفجأة تربّع النسيم على كرسيه، مع كل فجر، مع كل استدارة، مع كل ساعة، حاملا ملّته إلى الأنام، باعثا بخطاه الخافقة، ويقطع كل كلِم إذا ما حلّ همسا كما يفعل نسيم الطبيعة العليل، بل هو منها ولها عندما تتغير حرارة الأجواء، فذلك من فعلها، وهي ليست غير النسيم العليل هامسا مبشرا بالتبدّل الذي لا مفر منه ولسان حاله كأنه يقول: سيحل أخيرا أيلول وأنت غير موجود، وأنت الذي كنت إذا حلّ أيلول تطير مع العصافير وتحلّق، سيحل قريبا وأنت الذي كنت إذا حلّ حللت والخطى بين دروب الضّيعات تعطيها أرجلك مع نسيم أيلول للريح، بين الأودية والخلان والرعاة، بين السهل والقطيع، بين التلة والزريبة تهرول حينا وتمكث حينا، والآن بعد هذا السقوط في مشاكسة البرية وأزاهرها والأشجار وما لم نره من مرابط للطير والصيد.. وبعد هذا ألم نعد نراك ثانية؟

  وفيما كان عليه الربيع من مرح جذل وانتشاء وإطالة للسمر والترحال بدون كلل ولا ملل، بين الأودية والمروج والطلول متطلعا وإذ بذلك الغائب الكبير يحُل، ولم يحل لمّا حلّ إلا عبر الخلاء كعادته ناظرا ومتطلعا إلى من يسعى فوق العشب صنوه.. فإذ به جحشا أسودا، وهو قرة عين والديه الحمار والأتان، لكن لم يلمحه لمّا لمحه قدامه إلا وقد تربّص به أحد الفقراء يومان وليلة ليأكل اللحم الذي لا يأكله إلا في عيد الأضحى، وكان قد خمن قليلا عندما رأى عبر اليوتيوب أن الجنس الأصفر يتلذذون بلحم الأحمرة البالغة ويشتهونها شهية تُذهِب العقل فما بالك لوكان الحمار جحشا نيئا، فكيف سيكون مذاقه؟ هذا ما طمِع به طويلا وزيادة عندما انطلق، وبريّ عزمه دون كلل حتى تمكن في الأخير من خلع قرة والداه منهما غصبا وجورا وقبل أن يهز الخَلْعُ العزيمة والإرادة الإلهية كان هذا الجيعان الطّماع قد هزّ الشجّرة المقدّسة فرشَحت من نسغها الكامل والناقص مع الشيء الكثير لينطلق شذاه في الأجواء، ويقوم جاذبا الجحش جحشا إلى وعده، حتى إذا حكّ بقدمه جذعها محاولا تهيئة قضمة من لحائها الشهي انصرف وكأنه جحش تلبسه شيءٌ من قداسة.. وظل الوضع ما عليه بين عشية وضحاها استتب له أسلوب القضم وحلا مرتعه بين الغابة والشجرة المقدسة التي تعلو هضبة بارزة تشرف من جهتيها على الحقل والغابة، ولولا أن الجحش لم يرقه المكان لما ازدهرت فيه حركة الثعالب والذئاب، وهو ما جعل البلدية تنشئ حَرَصا خاصا لاستطلاع المنطقة التي كانت تشبه الحظيرة الوطنية وتقوم بإحصائيات شاملة لأنواع وأعداد الحيوانات والنباتات، وكان من بين ما أحصاه ذلكم الحرص جحشنا، والذي وضعت باجًا في أذنه جعل من كان يترصده جشعا وطمعا في لحمه الطري يخاف ويضع في ذهنه ألف عاقبة إن هو تجرأ، وهكذا ردّت شجرتنا المقدسة قرة والديه، الحمار والآتان فأضحى الكل سارحين بين البراري وسائرين بين الأحراش ناعمين، غير أن الجحش نعُم بنشاط وفتوة جعلته أمير سباقات السرعة في المنطقة..

  والتقت اللواتي أرسلهن شيخ القبيلة للتبرك بالشجرة فجأةً بجحشنا المُغتدي في فلوات البر اليانع خضرة وجمالا، فاستهواهن جماله، بيد أنه حمار من سلالة حمير وليس مهرا من سلالة الأحصنة البرية.. لكنّ القبيلة قبيلة هندية لا يزال العرف والشعيرة الطقوسسة قاهرة سائرة منهم مسرى الدم من الوريد لا ينجو أحد من أعضائها منه مهما علت مكانته أو غوته حضارة العالم الجديد من حولها، من ذلك أن الحمير البرية التي ليست أصلا من حيوانات المنطقة وإنما قد أحضرها الرجل الغربي معه من مناطق بعيدة وحتى لوكانت غريبة فإن كل غريب يمشي على حوافر يُؤكل بالنسبة للهنود وكانت النسوة الأربعة متحلّقات حول الشجرة يرقصن سبع مرات كما أمرَهُنا بيد أنّهن ارتكبنا خطأً فادحا حينما رقصنا وهنّ عائدات حول الجحش الجميل سبع مرات ليلدنا بعد شهورا صبيةً ذكورا متسمين بذكاء خارق، بيد أن الأخبار التي وصلت شيخ القبيلة من قبل أعيُنه المندسة في كل مكان بأن الفتيات عانقن الجحش ورقصنا حوله جعلته يأمر باصطياده وطهوه للحفلة التي أُعدت بمناسبة خصوبة بنات القبيلة بالذكور فقط، ببركة الشجرة المقدسة وهي بركة تليدة في الزمان والمكان ترجع لأوائل سلالة شعب أبورجينال، وبالرغم من أن مصالح الحرص البيئي في المنطقة افتقدت الجحش ولم تشك يوما بأن الهنود الحمر قد اقتاتوا الجحش كونها لم تمتلك الدليل القاطع إلا بعد مضي سنوات عن الحادثة حين تغير لون الشجرة من اللون المدهام إلى اللون الأحمر القاني ولكن مع ذلك لم تفعل شيئا وتركت أمرهم للطبيعة.. أجل كيف لا وقد سرى بين القبائل الهندية المجاورة خبرها، وانتقل إلى سائر النواحي المتحضّرة والأصيلة على السواء، على أن في تغير لون الشجرة وفي عز الربيع عند أعيان القبائل الهندية كلها علامة على نهايتهم الحتمية، حيث لن تنجب نسائهم بعد ذلك إناثا أبدا، غير أن الأمر أسعد المتحضرون الغربيون كثيرا لأنه بالنسبة لهم يعني أن الرجال الهنود الأشداء والبواسل في التماس العرف والمشي على منواله أبا عن جد قد تكسّروا وهم سيقعون لا محال وقريبا في غواية المرأة الغربية المفترسة فيفعلون بهم عن طريقها ما يشاؤون كما تفعل الطبيعة الأم في عناصرها؛ تلهمهم بالقوة من قوتها الشيء السديد، لكن تمهلهم بالانقلاب والزوال كلما توهموا أنهم أمسكوا بسر من أسرار الكون أو سادوا واُستُحكِمُوا بفضل منها.  

م: مسودة بعض فقرات هذه القصة الأولى كتبت في 13/7/2010.

 

 

"الثورة" على النظام القبلي (الضِّياع الساجدة والذئاب الجائعة)

 

    لقد حلم في ذاك اليوم بأنه قد تحوّل إلى صحفي حاملا للكاميرا منطلقا صوب التاريخ والمستقبل والحاضر الأعمى في تصويره للأفلام، يقوم بخرجات إلى هنا وهنا لتصوير بعض المشاهد حتى أصبح منتجا حصريا بالتناوب لأنواع عدة منها، لكن حدث وأن انطلقت الحرب وهو في أحد خرجاته التصويرية فلم يعد إلى الأستوديو إلا بصعوبة بالغة ومن ثمة بدأ في تحويل لقطات مختلفة جدا عن بعضها البعض إلى فيلم عن الثورة، وأي ثورة تلك التي ما هي في الحقيقة إلا الثورة التي تقاتل فيها جميع بربر وأمازيغ شمال إفريقيا ضد الأنظمة العربية التي تقتطع وتحكم جزء من أراضيهم كما ظلوا يقولون، أجل ثورة ضد النظام القبلي الذي يحكمهم، وقد قامت من أجل اقتسام تركة الأرض وإقامة دولتين فيها؛ واحدة لهم وتدعى نوميديا الشمال الإفريقي وهي حتما ديمقراطية إلى النخاع والأخرى تدعى المغرب العربي لا شأن لهم في نظامها بعد الإقامة.

    لقد قامت تلك الثورة على حين غرة ودون تحضير جدّي كما حدث مع ثورة قامت قبلها بنحو الستين عاما اشتهرت باسم ثورة التحرير الوطني (الج...ي) ضد المحتل الفرنسي الغاشم للأرض والتاريخ والهوية كما ظلوا يرددون، لكنها نمت مطّردة الثورة وكبرت مع توالي الأيام لتكتسح شمال إفريقيا من وسط ليبيا إلى نواديبو في موريتانيا، لقد رفع الأهالي من الأمازيغ والبربر السلاح ضد المستعمر العربي وخيّروهم من أجل توقف الحرب بينهما مبادرة الأرض مقابل السلام، فلم يقبل العرب، فراحت الحرب تأكل الأخضر واليابس وتضم إليها كل يوم حلفاء وأنصار جدد، فناهضت فرنسا ـــ كما قالت ــ الكولونيالية الاستعمارية التاريخية للعرب.. بينما اتّخذ العرب من شبه الجزيرة العربية ومصر قاعدتين قويتين للتمكن من السيطرة على شمال إفريقيا وإحكام قبضتها الاستعمارية عليها.. وشايع اليهود كعهدهم الثورة وبايعوها لكن البربر لم يولوهم اهتماما حتى يردوا للفلسطينيين حقوقهم كما قالوا.

  وقبل أن تنطلق الثورة فجأةً ومن دون سابق إنذار ذات ليلة باردة من غرة شهر تشرين الثاني نوفمبر العام 2024 وأنا في غمرة من نشاطي السّمعي البصري الإنتاجي الهواياتي ذاك، وكنت مع زمرة من صحبتي نبحث دائبين في موضوع "شروط الحضارة وأسباب التخلف" قائمين قاعدين، فنظرنا وحللنا أسقطنا ومثلنا، تراجعنا وتواصلنا، أبسطنا وركبنا، وتناسينا وجهدنا، تلابزنا وتخيّرنا، غير أننا لم نخلو في أي لحظة وفي جميع مراحل بحثنا من فكرة أساس تستهدف بثبات الذهن كما تستهدف جميع طرق العالم روما، وهي التي مفادها المطلق هو مصدر مآسي البشرية على وجه البسيطة، لذلك كنا وعَينا تمام الوعي بأن النظام القبلي نظام تراتبي استبدادي يشدّ أصحابه إلى التخلف وحتى من دون وعي أحيانا يرعاهم فيه.. ومع ذلك لم نكن ندع الحبل على الغارب لعدونا كي يستثمر فيه، وفي ذلك المطلق، المتشبث به معيارا أوحد في وجوده، فلم نكن لنهيئ أرضية مشتركة للثورة على النظام القبلي لولا استلهام روحي خاص تولدت شرارته في كل واحد منا، وعلى حدة، ذلك أن الماديات ملك مشاع بين جميع البشر بينما الروحانيات التي تجمع العبد بربه فهي خاصة بالفرد وليس لها علاقة قط بنجاحه المادي وإنما لها أثرها النفسي في إطالة العزم للثّبات على الأمر وتسريع النجاح، ولها أثرها المحفّز للبطولة كما تحفّز مشاعر العز والكرامة المنبلجة مكتسحةً كامل الجسد لتوقظ مشاعره أناشيد الثورة على النظام القبلي،.. أجل "من وحي التأمل انبلج شعورا ممتزج بعبق أرضنا ليغدو التاريخ سمانا والهوية تعبير جدلي عن ذلك الامتزاج" قال ذلك الثائر البربري بلغة الشعر وحده وأردف كما كان يفعل كلما تهيأ له في زنزانته:

أهيب بطلع الزهر والأقحوان في عز الخريف،

أهيب بالمقاومين الصناديد والبدو الرحل في غرينلاندا،

أهيب بليالي الشتاء في القرية القصية إذا ما ليّل الليل،

وهي ساجدة أهيب برجع الصدى من جوف الدم الأخضر أين يختبئ السكون؛ أين يسكن وفي جوف الجوف ظلال من الألم والأمل ومن فيئ الشجر ستظل تنبت أحلام..

أهيب بالليالي المقمرات المقمرات فيه وبالثلج الذي ذكرني بعمر الصبا في الأنجاد،

أهيب بالسوق والفرش الأحمر والمودعين، وبالسلالم المرفوفة عند بائع الخردوات،

أهيب بالنكسة الكبرى ساعة لا يطلع فيها القمر،

أهيب بالشعر يوم يتساقط الأشرار بمسدس العدل والقضية واحدا بعد الآخر

أهيب بالرياح والخلوات حينا والزّور لما الأرض تدور وتدور، والركن الذي كان أينما، ولم يكن منذ أن تخطّاه الزمان ركنا،

أهيب بالضِّياع كلها إلا ضياع الهلاليين، وأهيب فيها بحفنة الرماد للذئاب الجائعة ولا أهيب بمواسم الضياع موسما بعد موسما والغلال فيها تعمُ الضياع كما يعمُ أريج الزمان الفردوس الأعظم.

أهيب وأهيب.. بالدهور تارة وبالصعود طورا، إلى المستحيل، لكن أهيب بي لما اكتمل نور.. وأيضا.. بالصلاة والصلاة الوسطى.. وإذا بي أنا اليوم وفي غمرة البحث عن "الله" قد قمت تاركا خلفي ضياعا تعوي و"ثورة".

كلا وأهيب برجع الصدى من جوف الدم الأخضر، أين يختبئ السكون؛ أين يسكن وفي جوف الجوف ظلال من الألم والأمل ومن فيئ الشجر ستظل تنبت أحلاما..

   وفي خضم هذه الجهود الفكرية والروحية المساندة سيجيئ يوما تتحقق فيه نتائج العمل لا ريب، لكن لا بد من الانفراد بالذات والتطلّع إلى المطلق من وجهة نظر خاصة، وذلك من أجل قطع دابر التعلُّل بالمطلق من قبل المستعمرين المشتهرين بأنهم ليسوا قوم تصنّع وتشدّق بالدين والأخلاق فعلا بفعل، بخاصة أمام الأديان المقابلة لها تقابُل تقابُل، ولكن قد تجاوزوا إلى الاشتهار بترهيب البشر والاعتداء عليهم اعتداء القرون الوسطى، ولابد من مجِّ عصارة مجد وعظمة كونية وصبّها في وهج الأنا العميق كمج سيجارة كي تثبّته.. لابد من مناجاة روحية على الصيغة والقِوام: كنت قد جئت إلى هذه الدنيا ثم ما فتئت أن مضيت كما تمضي سحابة صيف وإلى الآن لم أزل جاهلا.. ولم ألتفت إلى الوراء إلا كي أرى بنفسي وأتأكد هل حقا إلى الآن لم أزل جاهلا؟، ليس ربنا ما خلفت هذا باطلا فقنا عذاب النار، ولكن ربنا ما خلفت هذا باطلا؛ إن العقل لَينكسف وهو حسير ألا فحق لك أن تفعل بنا ما تشاء، ولكن وسعت رحمتك كل شيء.. من ملايين السنين وذاك الواد جارٍ مجرى مشيئتك كم وكم من حيوان وشجر؟ كم من كهل وفتى يافع، كم من أولاد وصبايا، كم منهم قد مرُّو عليه ترى أين هم جميعهم؟ تعاليت فسبحانك ذا الجلال والقدرة.. وكفى أن نصدّر هذه الرؤيا الخاصة إلى غيرنا فإذا فعلنا ستكون هي بعينها التراتبية، فالقبلية، فالتخلف.

 وكنا، هو وأنا والصُّحبة قد التقينا سرا على تضاريس بجاية الداخلية لنُحضّر لمؤتمر جامع للثائرين البربر والأمازيغ من كافة شمال إفريقيا ويكون هو بداية لثورتنا المؤزّرة ضد النظام القبلي الجاثم على رؤوسنا منذ عدة قرون، وقبل أن توزع مناشير وتَستهدف فيالق الأحرار من أبناء الشعب الحر المسلح مراكز وتجمعات الجيش وسط إيكوزيوم وإقليمها، ومنهما منتشرة الى جميع الأقاليم الأخرى مع كثافة ودقة مصوبة، أجل في أول الأمر تستهدف قطارات الضواحي وجسور الطريق السيار شرق غرب كما هو مخطّط له في ذات ليلة من ليالي بداية شهر تشرين أول ونهاية تشرين ثاني من العام 2024، العام الذي يكون حل لما حلّ مباركا على شمال إفريقيا وأهلها الأصليون كلهم.

 وقبل أن تُطلق أولى رصاصات الثورة بدأت معركة حامية الوطيس بيننا وبينهم حينما كنّا نجوب جنوب إيكوزيوم، غير بعيد نجمع التّبرعات لقيام شركة ستار توب صغيرة بيننا، هو وأنا وصُحبة الجامعة، حيث ضربت مجموعة من الشباب صاحبنا لأنه كان يضع وشاحا على رأسه عليه الرمز البربري التليد وهو القرن المعقوف على شريط اللون الأخضر المتوسط للونين الأزرق والأصفر، وقبل أن تمسكنا الشرطة وتضعنا في السجن دون سبب وجيه ودونما محاكمة، صدرت الأوامر من جميع الفرق في عروشهم ببدء الثورة المظّفرة، ورصدت الشرطة تحركاتهم لكن شلت أمام سرعة التنفيذ وجاهزية العمل الثوري التي فاقت كل التصور وانتهت العمليات المركزة بسقوط مئات القتلى في صفوف الجيش وخسائر فادحة في البنية التحتية، واخرج العدو على إثرها عتاده الثقيل إلى الشوارع وطوقوا وفرضوا الأحكام العرفية الجبانة كعادتهم، ومن حسن حظهم أنهم لم يقولوا أن الأحرار قاموا بالثورة لكن قالوا بأن عُتاه "الفلاڨة الجدد" وأوباشهم الجهْمية قامت بـ"أحداث الضواحي" فعبّدت بقولها الطريق للتاريخ بأن يسجّلها في مدونته استعمارا للمنطقة تماما مثلما عدّت وعاملت الغزو الفرنسي قبل نحو الستين عاما ونيّف، فقط مع تغير للفاعلين والمفعولين، وبقيت الوسيلة واحدة؛ عداء مزكم وحقد غير متصوّر، بدأ بالذبح وحزّ الرؤوس إلى أن عمّت الثورة كامل الأقاليم، ومجموعة ستار توب لم تُبرّأ ساحتها ولم تدان بل خضعت لاستجوابات وتحقيقات تتلوها أخرى من قبل أعتى المباحث وأخبثها، بيد أنها لم تتزحزح على مطالبها المشروعة بالحرية ضد الاستعمار، وكانت كذلك إجاباته صريحة عندما بادره المفتش دون مقدّمات:

ــــ نوجه لكم أنت ومجموعتك تهمة التآمر على أمن البلد.. وبتلقي أوامر أسيادكم من وراء البحار

ــــ إذا ما كنا تناقشنا أمور بلادنا السياسية والثقافية فإننا تنقشناها بضمائرنا من دون مساعدة من أحد فلِما تقول أسيادكم، نحن أنفس حرة لا أسياد لها أم أنّك لا تعلم وأنت تحمل شهادة عليا..؟

ـــ وعلَم المتمردين السخيف؟

ــــ إنه علم بلدي الأصلي نوميديا: الأصفر والأخضر والأزرق وفي الوسط يوجد شعارنا العظيم

ــــ تقول نوميديا؟.. إذن خذ يا كلب (لكمات)

ويجيء الرد بقوله: ـــ أنت هو المُستعمر يا وغد.. تفوووه (بصقة على الوجه)

وتتوالى بعد ذلك لكمات وضربات المفتش له إلى أن تدخّل مساعده وفك الاشتباك، ومازال صاحبنا يواجِهُه دونما خوف قائلا: ـــ أجدادك قراصنة أعالي البحار هم من جلبوا الاستعمار إلى هذا البلد، فرنسا جاءت لتحمي ظهرها ممّن نصبوا أنفسهم سادة؛ يسطون ويسرقون ويأسرون ويأفكون فيه مستغلين وازعهم الديني الذي خوّل لهم احتقار الأجناس الأخرى، وبعد أن تمالك الأوروبيون انفسهم عدة مرات بلغ السيل الزبا لا مفر من أن يخطّطوا تخطيطا ناجعا لإنهاء الحالة، وهي اجتثاث الأرجل التي يقف عليها هؤلاء القراصنة الجبّارين المتحالفين مع أتراك دُربوا على النذالة والجرائم الجبانة قبل أن يأتوا ويستوطنوا أرض الأحرار ليطبقوا ما تعلموه تحالفا مع العرب الغزاة، الذين استعمروا شمال إفريقيا منذ القرن الثامن الميلادي، وقد طبّقوه قبل ذلك ضد الإغريق مستقويين بالفرس وأبناء عمومتهم من شعوب آسيا الصغرى.

ـــ "أنت لا تقول الحقيقة بل أنت لا تعي ما تقوله.. هذا زيف أمرك الفرنسيون قوله حتى يوفرون لكم ملاذا آمنا في مرساي ونيس والحي اللاتيني، الحي الذي تعشقونه و.." ردّ المفتش

ـــ لو كان ما تقول صحيح لَمَا افتعَلت فرنسا حادثة المروحة؛ نخشى أنّ حادثة الافتعال تنم عن ازدراء الأجناس الأخرى من قبل هؤلاء القراصنة، وقد أحسن الفرنسيون عندما تحججوا بها لأنها تبين أن للحملة أهداف سامية ترقى عن مجرد طرد الشرذمة من أعالي البحار هذه المرة، وهي مرتبطة باجتثاث المصدر الذي يقوم عليه المجرمين في أعالي البحار من جذوره. لكنها تفاجأت لما دخلت إيكوزيوم بوجود حساسيات لا تعترف بذنوبها، وهي ضاربة طوقا بشريا حول إيكوزيوم وقامت بتقديم الدعم للمجرمين، فما كان من فرنسا إلا الانتشار والتوسع شرقا، غربا وجنوبا لإنهاء حالة الإجرام لا أكثر ولا أقل، بيد أن الإجرام إجرام، اسمه يدل عليه؛ متكلا على أيديولوجيا العقيدة مسنودا عليها وقد أظهر مغالاة عظيمة في المعاندة، فكان ما كان من قعود فرنسا مُددا طويلة في شمال أفريقيا لم تكن في بالهم، فاضطروا إلى نتيجة لابد منها حينئذ، وهي أن سبب إطالتهم فوق ما كان مخططا له راجع إلى افتقاد مريع للمغرب الأوسط لثقافة التحضر والتمدن فكان لزاما لها من نشرها جنبا الى جنب مع نشر سلطة السيف العادل..

  وفجأة تأرجحت الأرض وماجت من تحت قدميه ونخلت بعض الأشياء ممّن خفت موازينهم كما يُنخّل المنخل المتأرجح ذات اليمين وذات الشمال بأشيائه، فظن الناس أنها الآزفة، موعد الرب قد حان ونشرت القبور وحُق الخبر فرفع كبار السن أكفهم متضرّعين: ربّنا إننا رأينا كيف قلبت الأشياء بعد أن أخرجتها من جوف الثرى وسلّمتها لنا وكأن لم يصبها شيا، وإننا نعوذ بك من شرور أنفسنا.. ربنا رحمتك ولطفك فإذا لم..

  غير أنه ما برح يكمل قوله حتى قاطعه قائل ثانٍ كان قربه: ما هذا السخط، وما هذا الدمار كأن الأرض أرجعت شر الإنسان المدفون في جوفها منذ غابر العصور، وما أنواع الترب المرفوعة المقولبة على بعضها بعض إلا عناصر مخلوقات تليدة منها ما انقرض منذ ثلاثة دهور ومنها ما انقرض منذ دهرين ومنها ما أبيد بفعل عناصر الطبيعة منذ دهر واحد. فعلا، فقد أرجعت ما كان سما في بطنها وتركت ما كان ترياقا لجسدها أمنا الأرض وأنت تقول لطفك إنها تعرف ما تفعل أمنا الأرض، فدعوها تكمل ما أمرها الرحمن وكفاكم سخافات.

  وبينما ظنوا أنه موعد إطلاق السراح لما استدعاهم رئيس السجن في ذات مساء وقد شنّفت محطات الأخبار أسماعهم وأنعشتها عن اشتداد المعارك بين الثوار وجيش الأعداء الغزاة، وإذا بهم يفاجؤون بوجود المفتش ثانية أمامهم: ــــ لو أطلقنا سراحكم ما سيكون موقفكم من قضية أمن البلد؟

ـــ هذه بلاد البربر من تونس إلى طنجة.

ـــ ما عن هذه الخرافات والأساطير سألتك جاوب عن سؤالي المحدد بدقة.

ـــ أنا متخرّج من معهد العلوم السياسية، وهذا من معهد الإعلام والاتصال، وهؤلاء من التجارة والاقتصاد مجال عملنا واضح، وفي جميعها تلذ المقاومة بالفكر والقلم وتنتعش.. بالأمس بح صوتنا وجفت أقلامنا مناداة بالديمقراطية؛ فالديمقراطية هي الأمان في شمال إفريقيا، إن سكانه الأصليون اليوم كلهم ديمقراطيون أما والآن فلا تنفع الديمقراطية.

ـــ "جيشنا سليل جيش التحرير سيهزم فلول الإرهابيين الأمازيغ وسيعيد قريبا الأمن والطمأنينة لهذه البلاد" ردّ المفتش

ـــ وما دخلنا نحن في الموضوع؟ لِما استدعيتنا وقد قلنا كل ما في جعبتنا!

ـــ اقرأ الجريدة أمامك ستفهم.

يبدأ صاحبنا في القراءة.. " انطلاق المفاوضات بين الجيش والإرهابيين"

.. طوبا إذن فثورتنا قد انتصرت أو هي في طريقها للانتصار القريب.

ـــ أنت تحلم لقد أحضرناك الى هنا لكي تُجِرْ نفسك، تتصل بثوارك الإرهابيين من أجل إيصال بعض نقاط التفاهم حول حل "الحكم الذاتي في بلاد القبائل" القبايل، القبايل فقط من دون البربر

ـــ لن أفعل أبدا، أنا لست ناطقا باسم الثورة حتى أفعل، الثوار لديهم ناطقهم الإعلامي لماذا لا تتصلون به، ثم أنّ وقت حل الدولتين قد مضى عندما كنا ننادي بالدمقراطية ولم تستجيبوا حتى بالحد الأدنى، أما الآن فقد.. فاتكم الوقت ليس بأيديكم الأمر، الحل الباقي هو فقط حل الدولتين.

دولة نوميديا الكبرى من تونس حتى الرباط ودولة للعرب بمحاذاتها قالها رئيسكم بعظمة لسانه، الاستعمار لا يلغى بالتقادم، غير أن الفرق بيننا وبين الهنود الحمر أنهم كانوا جماعات متشرذمة في الأمريكيتين لما استعمرها الغرب الأوروبي ودعاها العالم الجديد فاكتفى الهنود بعد سبع قرون بالمطالبة بحقوقهم المدنية، أما نحن فكنا مملكة عظيمة في شمال إفريقيا، وكان توقنا للحرية سببا في تكالب العرب علينا وتخاذل الشعوب المجاورة على مساعدتنا، فإذا كان الأمريكيون يقولون The dog eat dog society that's in America فما بال العرب بين ظهراني جنس أصيل التراث إلا أن يعيشون معه عيشة كلاب ثم لا نفاق.

ـــ أراك قد تثقفت بما فيه الكفاية كي تطعن في كل الأمور التي لا تروقك وزبانيتك.

ـــ لعلّ الثقافة التي تقصدها هي التي لهجت بها أرواحنا قبل أن ينطق بها لساننا والآن بالذات: "الإنسان عقل والحيوان لا عقل، وحتى لا يتحَيوَن هذا الانسان لابد من طائفة منه أن تمنعه، أو تتركه يتحيون بعيدا عنها إذا لم يقتنع إلا بلا عقله، والشعوب اليوم في كل مكان من هذا العالم تنفصل عن بعضها البعض ليس بالبرهان العقلي لكن "تفاهم بالتراضي" كما يقول الرياضيون؛ فقد حوّلنا المشكلة التي هي أصلا مشكلة وجود إلى مشكلة حدود ونخشى بذلك أننا أمة شريفة ولم نكن لِنفعل لولم نكن كذلك، فيعسُر إلى حد بعيد طرد العرب من شمال إفريقيا بعد الانتصار عليهم من دون إعطائهم حق تاريخي لهم معنا؛ وهو مشاركتنا بما يناهز الاثنا عشر قرنا هذه الأرض.. ثم نحن لا نكره العرب بخاصة عرب شمال إفريقيا.. وهم يشاركونهم في القابلية للاستعمار، ربما هم متميزُّون عنهم فقط في القابلية للسلطوية أكثر؛ مازال عامل النظافة الفقير والرث الثياب إذا جاءه السيد الوالي مرفقا بحاشيته قال له متخوفا من عزله من منصبه إذا هو طالب بحقوقه أمامه: (ما يخصني حتى شيء كَثّر خير الدولة اتّاعنا) ثم عندما يلومه أصدقاؤه يقول لهم: (يكفينا أن الحكّام اتّاعنا شادين في ربي).. هذه الذّلة والحقارة اتجاه الآخر غير المسلم جعلت من العربي المسلم في شمال إفريقيا يعيش مذلولا وهو راض! مع العلم أنّ هذا الآخر غير الشّاد في ربي في تصور هذا العامل البسيط، والموظف، والفلاح، والمعلم، وكل قطاعات الشعب المهانة برضاها، لا يُخضع أبدا حقوق الإنسان الأساسية في العيش بعزة وكرامة (تعليم حر، شغل، ومسكن) لتوظيفها في المساومة السياسية، إلا ما كان نادرا كالمتعلقة بالترقية.. لا أريد أن أطيل لكن هذه الأنظمة التي تضطهدنا بالحيل في موطننا التاريخي بعد أن استعمرتنا واستدمرتنا طويلا لا تختلف عن النظام القبلي الذي كان سائدا في الجزيرة العربية وما حولها قبل الإسلام، فقط الذي تطور هو طرائق المكر والاحتيال..، باختصار العرب هم الذين يكرهون أنفسهم، أولم تسمع قول ذلك الحكيم الذي في مصاف الشاعر منذ نصف قرن تقريبا: "ما دام قلبك فيه رحمة لأخ عان فأنت اُمرؤ في قلبك الله"

ـــ ها؟! هههههه (ضحك) شاعر! الشاعر أصبح حكيما، كذبت يا بربري، بعض الشعراء فقط حكماء وهكم الذين يسخرون شعرهم لخدمة الدين وقضايا أمتهم أما الباقي فمتبعون للهوى، أتعرف ما معنى الهوى أم أعرفك به.

ـــ أنت الكاذب ولست أنا، وأنت غير ملوم في كذبك لأن مهنتك تذهب بعيدا في مفارقتها لهذا الموضوع وفي مثل هذه الحال التجارب الإنسانية، هي من تقرب هذه المفاهيم العاطفية إلى الذهن بل وتجعلها موضوعات حرية بالإلهام وحده، الهام الحس والتجربة أو السكينة التي عبر عنها جبران في قوله (إن قلوبكم تعرف في السكينة أسرار الأيام والليالي)، الإلهام رديف الحرية والخنوع رديف الذل والاستعمار فمن قال شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ    مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ لم يكن مسلما بعد، ولعلّ خير إجابة عن كذبك هو قول نفس الشاعر: "كن عظيما يستنزل الإلهام، كن مليكا يصد الأحكاما، كن غنيا كن قائدا كن إماما، كن حياة كن غبطة كن سلاما،  لست مني أو تعشق الحرية... ليس التعبد عزلة وتنسكا في الدير أو في القفر أو في الغاب لكنه إنقاذ نفس معذب من ربقة الآلام والأوصاب" وهذا القول يضاهي قول من تنبِيَ ويفوقه أحيانا... واللحظة انفجار عظيم يتلوه عدة انفجارات واطلاق كثيف للرصاص وما كاد الصوت يقترب حتى انسل كل من كان في السجن عبر دهليز غير مرئي، المفتش ويتبعه ضباطه وحتى الحراس فروا غير عابئين بالسجن ولا المسجونين ودخل الناس مع الثوار على أصاحبنا ولفُّوا أعناقهم بكاشني مسجّى بألوان العلم وأشرعت أبواب السجن للمساكين والمشردين ومن دون مأوى ومن حينها لم تعرف البلاد، بلاد الأحرار سجنا ولا ذئابا مفترسة هدّها الجوع أبدا.

 

 بوزيان bouziane
بواسطة : بوزيان bouziane
موقع تنويري فكري وشبه أكاديمي، يتغيا تقديم إضافات نقدية تخص تحليل الخطابات الثقافية ونظرية النقد والأدب متوسلا بجماليات التلقي والنقد الثقافي، كما يعنى بنشر إبداع قصصي جديد ليس له ما يماثله على الساحة الجزائرية، والمقال المتناول للشؤون السياسية والإعلامية والاجتماعية المقاربة للظاهرة الأدبية والمحاكية المكملة لها.
تعليقات