خطاب مناهج النقد التقليدية، هل يُساير حركة التاريخ أم يُعرقلها؟ إسقاطات تحليلية من منظور ثقافي ما بعد بنيوي.

خطاب مناهج النقد التقليدية، هل يُساير حركة التاريخ أم يُعرقلها؟ إسقاطات تحليلية من منظور ثقافي ما بعد بنيوي.

                                  

بوزيان بغلول(*)

الملخص: انبرى خطاب النقد الثقافي العربي المعاصر أعمق إحكاما في توليد الإشكاليات ورعايتها من نظيره الخطاب النقدي الأدبي العربي المعاصر المنضوي تحت مسمّى النقد الجديد بالرغم أنه نهض على أنقاضه، بل أن هذه الفرضية لا تجعل من هذا الأخير سوى تحصيل حاصل للخطاب النقدي الثقافي؛ كون أنه إذا كانت سمة خطاب النقد الجديد في سياقه العربي التحول، فإن التحول في خلفياتها الفلسفية؛ نظريات ما بعد الحداثة النقدية بالخصوص سمتها شدة التحول أخذا بالنظر الِإشكاليات العويصة التي نمت وترعرعت في مدونة النقد الجديد، وهي إشكالية التنافر أو اللا تطابق منذ بدايات تكونه وجوهرها مفارقة وظيفة اللغة لوظيفة الأدب لوظيفة للغة التي في اللغة أو الخطاب، إلى الإشكالية التي تجمع اللغة والأدب والخطاب وهو استحالة الدراسة العلمية للمعنى الذي هو جوهر وظيفي لكل واحد منهم.

   ولعل إشكالية البحث تتجلى في أنه بمقدور محلل الخطاب أن يحلل أي خطاب بالمعنى اللساني لكلمة خطاب ما بقي في سياق النقد الجديد، وهنا تحليله لن يتأتى إلا عبر خطاب، كونه يستعمل أولا وأخيرا اللغة المحايثة كتابةً أو نطقا، في مستوى واحد هو مستوى انتظام اللغة انتظاما نسقيا دالا وحدته البنائية الصغرى هي "وظيفة الوحدة الصغرى"، لكنه عندما ينتقل إلى تحليل الخطاب الثقافي (أو ينتكس إلى خطاب النقد السياقي) فإنه لابد له أن ينتقل من مستوى مناهج النقد الجديد إلى مستوى مناهج ما بعد الحداثة في تحليله، وهنا بالذات تأسس مفهوم نظريات الخطاب أو تحليل الخطاب الذي لا يثبت عند نسق معين للخطاب بل يتجاوز البناء النصي إلى الوظيفة التأثيرية إلى اعتمادهما معا، كون المفارقة والإشكالية تكمن في أن تحليل الخطاب ههنا أدواته منسجمة مع موضوعه: الأنساق الدالة أو أنساق المحتوى أما تحليل الخطاب الثقافي بعامة والديني بخاصة فإن موضوعه يحتّم التعامل مع مدلول النسق أو محتوى الدلالة، ولذلكم عندما استخدم نصر حامد أبو زيد منهجا نسقيا وهو المادية الجدلية في تحليل الخطاب الديني وقع لتوه في معارضة لا يحمد عقباها نتيجة اختلاف الطبيعة العقلية للمناهج في المستويين: المستوى الحداثي والمستوى التقليدي، الأولى تنشد الاستنباط الرياضي والثانية الاستقراء الفكري، لذلك شن عليه الإسلاميون حملة شعواء، وتنبه نصر أن الاختلاف ناجم عن المنهج أولا وأخيرا بينما لم يعي خصومه ذلك، وهنا يكمن جدل خطاب المناهج التقليدية الفكرية في مقابل منطقية المناهج الحداثية وما بعد الحداثية، فالجدل كل الجدل ونحن بإزاء تحليل الخطابات الثقافية في عدم مرور التيار بين منهج الوضعانية المنطقية ومنهج الاستقرائية الفكرية.

الكلمات المفتاحية: نظريات الخطاب؛ التحليل النقدي للخطاب، مناهج سياقية، مناهج ما بعد بنيوية؛ جمالية التلقي؛ جماليات التحليل الثقافي.

 بوزيان bouziane
بواسطة : بوزيان bouziane
موقع تنويري فكري وشبه أكاديمي، يتغيا تقديم إضافات نقدية تخص تحليل الخطابات الثقافية ونظرية النقد والأدب متوسلا بجماليات التلقي والنقد الثقافي، كما يعنى بنشر إبداع قصصي جديد ليس له ما يماثله على الساحة الجزائرية، والمقال المتناول للشؤون السياسية والإعلامية والاجتماعية المقاربة للظاهرة الأدبية والمحاكية المكملة لها.
تعليقات