الملخص
قد يلجأ الناقد مضطرا إذا كان العمل الأدبي الروائي المراد دراسته أقل أهمية من صاحبه ـــ و الحال هذه تنطبق على رواءينا الجزائري المخضرم رشيد بوجدرة ـــ إلى تكييف منهج الدراسة بما يفضي إلى تحليل ومناقشة اتجاه الكاتب المعرفي والفلسفي والثقافي، ليس فقط بسبب إنتاجه الروائي المميّز و أسلوبه النقدي التحليلي لرواية جيله، بل رشيد بوجدرة أصبح علامة وأسلوب كتابة فارقة في الحياة الثقافية الجزائرية المعاصرة، بل أزعم أيقونة من أيقونات النضال في سبيل حرية التعبير و التعدد السياسي و الثقافي، بالاحتكام إلى نظرية ما بعد الاستعمار الجديد أو نيو كولونيالية المتطورة عن نظرية أو خطاب ما بعد الاستعمار دون أن تلغيها. فحَسْبُ بوجدرة أنه اتّسم دائما بالتحدي و التمرد ثم الشموخ ككتاباته الروائية ، ومن وجهة نظر ثقافية مستقلة مختلفة عن وجهة نظر النخبة، التي هي نخبة "سلطة معرفية" بما فيها كُتابها الأكاديميون، أبرزهم الروائيين الفرانكفونيين والمزدوجين اللغة الذين لديهم وجهات نظر تميل إلى وجهة نظر الطاهر وطار لا بوجدرة، أي واقعةً موقع مصلحة وممايعة متبادلة بينها وبين السلطة أو قل وجهة نظر الشكل و البنية المغلقتين لا موقع مضمون النقد الثقافي ذي النظرة الخلافية والذي طرح ـــ مثلا ـــ في اطار نظرية ما بعد الاستعمار مفهوم جديدا (عولميا) هو نظرية "ما بعد الاستعمار الجديد" تحت اسم نيو كولونيالية Neo Colonialism أو الإمبريالية الجديدة، من خلال السؤال الجوهري الذي أو يعري النظرية التقليدية السابقة بالأسس المتغيرة للثقافة بنزع عن الهوية المفهوم التحنيطي التقديسي، فخطاب ما بعد استعمار ليس سببه عنصري ثقافي/ ديني مع النظرية نيو كولونيالية لكن سببه فطرة التحرر والتحرير من الفقر والجهل الذي اعترى الشعوب المتقدمة اتجاه "فكرة التقدم" واتجاه الشعوب المتخلّفة، إذن ليس الحق لمن كان عن خامات الأرض وخيراتها ساهٍ مُثبّط و واقفا في طريق من يبتغي خدمة الإنسانية، وللأسف لابد هذه الفطرة عندما تتأتّى لا تتأتّى إلّا وهي مغلّفة بالسيطرة والإخضاع يعني أن تقدم لنفسه؛ فلإحلال التنوع والتعدد والعلم لا بد من الوضع على مسار التقدم الصحيح، إذا لا بد من الخلفيات الاقتصادية والطبقية وحتى العرقية بعض الشيء ضمن علاقات ما بعد الكولونيالية، نسعى لتقصيها من السؤال الذي مؤداه: لماذا يعيش بوجدرة كبطل روايته "تيميمون" يأمل في التعايش والتنوع و التعدد في الجزائر و فرنسا مع ذلك يذم ماضيها الاستعماري في الجزائر؟ ، هل لأن بوجدرة روائي مجاهد مثله مثل وطار شارك في ثورة التحرير الجزائرية فقط ؟ لكن مع ذلك يصل به الأمر إلى ملاحقته الأسطورية من قبل اتجاهين راديكاليين رجعيين: السلفي والسلطوي معا قصد إيذائه! و لعلّ الحادثة التي جرت له مع إحدى القنوات الإعلامية الغير احترافية يدخل في هذا الاطار ( تبقى إمكانية توجيهها واردة حتى ولو حملت شعار الاستقلالية وتغنّت به ) ، وهذه الحادثة التي وصفها بوجدرة بـ "الفخ " قد أخرجته إلى ساحة الجدل و اللغط الإعلامي عربيا، والذي لا يستحقه في رأيي بل يستحق بدله جائزة دولية أو عربية كبيرة ، كمناضل و قلم نادر ( يضاهي إبراهيم صنع الله وحيدر حيدر ونوال السعداوي في المشرق العربي ) فمن كان سيقف مقابل الرجعية والسلطوية لولاه.