القائمة الرئيسية

الصفحات

بوزيان بغلول

   آه على آه و آه من تراب جسدهِ تتناوبه عناصر الطبيعة تارة يمنى وتارة يسرى و تتقاذفه الأكوان من هنا إلى هناك ، تتناوبه شكلا من أشكال الجماد الذي كان في يوم ما روحا في جسد ، آه عليه وقد أصبح أثيرا للفضاء. لعب به الفراغ الكوني حتى كلّه الدهر المنسحق. ولمّا دبّت فيه الروح بعد نفخة النفخات أصبح شيئا آخر فيه قد بدأ يُخلق من عدم ، أو قل من نُثار غير مرئي ، في يوم هو يوم الحساب ، يوم ينكشف الخالق أمام مخلوقاته ، غير أن شيئاﹰ من هذا القبيل لم يكن ليحدث بسرعة أو "من دون بروتوكول" بعد أن نهض ملايير البشر من رقادهم الأزلي ، حتى إكتظّت بهم الأرض بما رحبت ، وكان من الممكن أن يحدث لولا أن الانسان ارتكب خطيئته الكبرى الثانية أو حماقة الحماقات والزلة التي لا تغتفر، حين تألّه وأغضب الرّب جلّت قدرته.. ولا يزال الجمع منّا مُنتظرا بتلهف رؤية خالقهم ، " آه ،.. وياله من برزخ عظيم لكن ما أقصره قصر الحياة الدنيا ، منذ أن توفينا و حتى بُعثنا ثانيةﹰ وكأنّها رمشة عين" قالت ألسن وأعين وقلوب القوم الخاشعة خشوع أوطاد الأرض.
 ـــ "متى يظهر ربي؟! " قال أقرب المبعوثين يومئذ إليّ بعد أن سلّم عليّ وسألني عن اسمي ، فقلت له : 

ــ " لا يمكن أن يطول إنتظارنا له جلّ جلاله. اسمي أحمد ، هذا هو اسمي ، أذكر أنّي توفيت في أواسط القرن الأول من الألفية الثانية للميلاد."

ـــ وأي ميلاد تقصد؟

ـــ ميلاد المسيح.

ـــ آه تذكّرت ، تذكّرته قد قرأت عنه الكثير. ردّ أقرب المقرّبين إليّ في يوم الحساب ونحن ننتظر معاﹰ بشوق وأمل "ساعة الحساب" وأحيانا بريبة و وجل.

قلت له : ـــ وأنت من تكون؟

قال : ـــ " أنا أس أم أف SMF  "

فقلت :  ـــ " إنه اسم غريب عليَ"

 فقال: ـــ " لا تستغرب فقد تطور الانسان في عصري وتقدم بما لا قدرة على العقل البشري استيعابه وتصوره في عصرك. فلقد استطاع الإنسان أن يدور على الشمس مثلما دارت مركباته الفضائية على الأرض في عصرك ، دون أن يتأذّى فقلت له : يا لطيف ومتى توفيت أنت؟

ـــ أنا!.. نعم لقد توفيت حديثا لا يهم متى توفيت . قال وهو يتطلّع إلى ملامح وجهي الذي يشبه كثيرا وجهه ، مضيفا أن التطور العلمي والتكنولوجي بلغ بالإنسان حدود يصعب على من ماتوا في قرون متأخرة تصديقها وما بالك بالذين ماتوا في القرون المتقدمة ، قال أنه يغشى عليّ الإغماء لو حدّثني فقط بالقليل عنها.

ـــ آه وألف آه أكاد أجن .. ياله من إرتداد لعقلي المسكين و من انكسافه و انحساره ..
ولم تكن انتكاسته في حقيقة الأمر إلا دَافعا فضوليا له لمعرفة المزيد عن رفيقهِ في الحساب ، الذي بدى يشبهُهُ قلبا وقالبا ، صديقه الذي تتفتّح أساريره له ليُقبِل عليهِ بمهجة وبأريحية ويُدلي له عن أخبار عصور موغلة في الرقي والتطور، فلقد أخبره ، أنه كان من ضمن تسعة وتسعين مليار إنسان عندما توفي ، وأنه كان يسكن في بلد غير بعيد عن دولة أوم أست AUM EST ، الدولة التي بلغت عظمتها عظمة لم تبلغها أي دولة أخرى على وجه الأرض ، وبلغت من التطور العلمي والتكنولوجي حدود الهلكة التي تتبع العظمة ، طبعا من دون قصد ، لكن حضارة الانسان ورقيه الإبتكاري وتعجرفِه المعهود أوديا به إلى نهايته الحتمية على الأرض وعلى القمر والمريخ .

ـــ ماذا؟ القمر والمريخ! نحن هنا ولسنا على وجه القمر والمريخ ، لماذا نُبعث على الأرض إذن؟

ـــ هذا أمرٌ لا يعلمه إلاّ الخالق ، "الله" الذي نحن بانتظاره الآن.

ثم عاد يحدّثُني عن اسمه الغريب المعقّد SFM  واسم بلده FUM EST  الغير المختلف كثيرا على ما يبدو عن اسم الدولة العظيمة المجاورة له EUM EST ، متذكرا عندئذِﹺ كندا والولايات المتحدة الأمريكية اللتين كانتا متجاورتين في عهدي قائلا : " كل شيء في عصري بلغ حد الابتكار المذهل، حد تملك العقل و سيطر بما لا عين رأت و لا عين سمعت ، فأصبحت الأسماء من التّعقيد بحيث يختلف الآلاف ممّن يحملون نفس الاسمSMF عن بعضهم بجزء من مليار، قد يخص أحد الحرفين f  أو s اللذين هما بمثابة اللقب والاسم الشخصي وm  بمثاية اسم الأب ، وعن طريق البرمجة الإلكترونية الفائقة الذكاء تسجّل خاصية في خاصية يحملها الفرد بمجرّد أن يولد وتُلصق بشحمة الأذن ، فعند ما ينادي أحداﹰ يا SMF أعرف بفضل هذا الجهاز إذ كنت أنا المقصود أم لا ، والشيىء نفسه بالنسبة لأسماء المناطق والمحافظات و المدن والدّول المرتبطة فيما بينها ارتباط الخلايا العصبية ببعضها. حيث هي مُبرمجة متشابكة في بعضها في بنية نيو إلكترونية ، بتكنولوجيا مذهلة ومتحكم في أسماءها بدقة متناهية ، لا شك أنه سيعقِد لسان إنسان العصور المتقدمة لو رآها . ولو لم تنخفض ديموغرافية البشر على الأرض في عصري من 210 مليار نسمة إلى 99 مليار نسمة لحدث شيء مُريع ؛ قد يصاب الشخص بالجنون مباشرة لو أنه فكّر في مثل هكذا تقدم علمي للإنسان على وجه الأرض ، أقصد على وجه الكون.


عندها تدخلت محاولاﹰ معرفة تاريخ وفاته بالضّبط ، سبقني صديقي في الإنسانية بالقول :

ـــ بعد عامين لا أكثر من محاولات عنجهية الانسان وعجرفتُه اللئيمة من توقيف الأرض عن الدوران ، ولمدة أربع ساعات فقط .. لكنه فشل وحكم على نفسه بالزوال.

ـــ  ياه .. ياه .. إني حقا أكاد أُجن..الانسان يوقف دوران الأرض في عصرك! أكاد أن أفقد عقلي.


ـــ أجل. أجل ، لقد قضى الانسان على وحوده بنفسه ، أما أنا فقدِمت للوجود عام 
180749 لميلاد نبيّكم المواقف ﻟ 130549 لميلاد "روف إيد كاد".


ـــ ومن هو "روفايد كاد" هذا؟

ـــ إنه النّبي الذي جاء بعدك بعشرات الآلاف من السنين وكان سبب الاحتفال بذكرى وفاته اﻟ 5800 سببا في نهاية الانسان من على الأرض والكون كلّه.

ـــ كيف ذلك ، كيف كان ذلك؟ حدّثني فأنا في شوق إلى معرفة تاريخ الإنسانية بعد أن أعادنا الله إلى الحياة لنلقى الحساب. وسمح لنا أن نلتقي في هذه الفسحة المستنيرة بنور لم نعهد بمثله قط .

أجل ، لقد أباد الانسان حضارته إلى الأبد. وكأنّه قضاء وقدر أو وحي أوحى به "الله" الخالق جلت قدرته إلى ذرية الانسان وأنساله بعد مئات آلاف السّنين من التطور المستمر و التفوّق العقلي المتّصل في كل مناح الحياة ، فقد بلغ بالانسان في تلك الدهور السّحيقة التي أتحدث لك عنها قمّة ما بدى في الكون من ضروب التفكير العقلي المخترق لكل الحدود ، متخطياﹰ الفضاء الكوني الشاسع وأعماق المحيطات وحتّى لُب الأرض ومحيط الشمس ، فقد غيّر من تركيب الهواء وطبقات الغلاف الجوي واستنشق هواء آخر غير الأكسجين الذي تعرفه أنت ، حافظ على حياته ومدد عمره بقليل ليعيش كريما عزيزا ، بل عمَّر و هو على القمر كذلك  و تنقل في ثلاثين ثانية فقط حول الأرض ، ودقيقة و نصف بسيارته الفضائية إلى القمر!


ـــ  " ياه .. إنه لتطور يعجز الفكر تماما على رسم صورة خيالية له"

ـــ لكن كيف جاءت نهاية الانسان ثم نهايتك أنت في إثر هذه العنجهية؟

سأُخبرك ؛ لقد جاء للوجود نبي " إنسان خارق" من دون أب كما جاء عيسى عليه السلام للوجود ، لكن الفرق بينه وبين المسيح أنه كان نبيا وصورة لله على الأرض بكل المقاييس التي لا تدع مجالا للشك والريبة أبدا، كما أن روف إيد كاد RUF IDE KAD  وهي الأسماء الثلاثية التي كان يسمّى بها قبل أن أولد أنا بحوالي60 ألف سنة ، وكما تلاحظ أنها تغيّرت أكثر فأكثر إلى الدّقة و التّمايز الدقيق إلى ثلاث أحرف فقط في عصري ؛ كان بدون أم كذلك أي أنه قد انبلجت روحه وبزغت طَلعته الجسدية في أحشاء ذكر وليس من داخل رحم أنثى ، لقد شغل هذا النّبي الإنسانية من ذلك الحين حتى موعد إنتهائها فقد عاش ما يقرب 220 سنة عكس متوسط عمر كل البشر في عصره وعصري الذي هو في حدود 120 سنة وفي عصركم 75 سنة على ما أعتقد؟

ـــ أجل ، هذا صحيح .

لكن خوارقه و معجزاته جعلت البشر يؤمنون به كنبي أو كممثل لقوة الله وسلطانه على الأرض ، فكان من معجزاتهِ علمُه بالغيب وقوة تركيز ذهنية فوق طبيعية ؛ إذا ما ركّز ذهنه أمام جبل من الجليد تركيز المتمكّن من قدرته أذابه في رمشة عين ، وأما تمكّنه بالطريقة نفسها من تجبير سيقان وأذرع البشر و إعادة حياة من مات حديثا إلى الحياة فهي التي حيّرت العلماء و توّجته روحاﹰ إلهية مقدسة على الأرض ، وجب تبجيلُها ، غير أن مالم يفهمه إنسان ذلك العصر هو تراجع قدراته و معجزاته بعد سن اﻟ 180 عام من عمره و بالتدريج ، حتى أنه قضى في نهاية عمره عن 217 عاما ، بضربات رصاص ليزيرية خاطفة وخادعة جعلت من قِواه تخر رويدا رويدا حتى الوفاة ، في حين كان قبل تراجع قدراته اللاطبيعية تلك و دخوله مرحلة الشيخوخة فجأة يقوى جسده على صد المدافع الرشاشة. فوقف العلماء قاصيهم بدانيهم مشدوهين لإلتئام جسده بسرعة بعدما ينشق نصفين! وكان هذا النبي دائما يشير إلى قوة أعظم منه أوحت له بأن تمثّلها على الأرض ، كانت إحدى مقولاته التي حفظها له التاريخ : « قوة الرّب العظيمة هي التي جعلتني أعظم قوة إنسانية بينكم ، وكل شيء يعود إلى ربي في السموات العلى ؛ إني كلمته وروحه على الأرض » وطبعا لم يكن التقدم الهائل و المتجدد للإنسان و علومه الشتّى حائلا أمام تأليتهِ ، بل جعلوه مرجعا روحياﹰ لاستكشاف الخالق، فعرفت حضارة روف إيد كاد حضارة موازية اسمها حضارة الوصول إلى الله ، عن طريقق تمجيد نبيها و استذكاره سنويا باسمى وأقدس التكريسات إلى أن جاءت ذروة عنجهية العقل البشري المتزّمت فأرادت سلطات دولة EUM EST  عام 180747 إطالة صبح ذلك اليوم الموافق للسبت 23 راست مونث عام 180747 بحيث تتوقف الأرض عن الدوران تماما ، إلى درجة الكَبْح القوي لمسار حركتها الدائرية حول الشمس نفسها ، وذلك باستخدام تكنولوجيا جبارة وعظيمة جدا لا يمكنك يا صديقي و أنت العايش في عصر قديم جدا تصوُّرها ؛ بحيث أرادوا توقيف الأرض عن الدوران لإعطاء حفل تمجيد ذكرى وفاة روف إيد كاد طابعاﹰ عالميا خاصاﹰ وهذا بإطالة الصباح بحيث بدلل أن تمتد ساعاته من بزوغ الفجر إلى الساعة الثانية عشر قبل الزوال ، لمدة ست ساعات ، إمتد الصباح إلى ضعف مدته الطبيعية أي اثناعشر ساعة بالتمام والكمال فإستمر وقت الضّحى على الساعة العاشرة صباحا أربع ساعات إضافية ، ناتجة عن توقف حركة دوران الأرض أمام الشمس وحول نفسها في تلك اللحظة بالذات : لحظة صُبح مُدن دولةEUM EST :  أعظم دولة عرفها الكون ، وطبعا سيتوقف المساء والليل بنفس المدة في أماكن مختلفة من الأرض. ولمّا إستعمل العلماء تقنيات شَد قُطبيْ الأرض بمواد فيزيوكيميائية ممغنطة بمركز الشمس التي درسوا مكوناتها و هيأتها جيدا ، بل حتّى إستخرجوا وأحضروا مكونات لُب الشمس و ما أدراك ما لُب الشمس ، حينما استغنت مراكزهم العلمية عن إضاعة الوقت باتجاه لُبي المريخ و الأرض.

لقد كان لِفعل القوى المغناطيسية الفيزيوكيميائية المتراكمة في القطبين المتصلة بقوى جذب ودفع بمركز الشمس ساعة تطبيقها القدرة على كبح حركة الأرض بنسبة 91% ، و هو ما جعل من إحتفالات تخليد وتمجيد النّبي تستمر في ضُحى يوم ربيعي مشمس وطويل ، في جنان وحدائق و مراقص مدن EST EUM  المنتشية بالرّبيع وبأكسير الحياة تكريسا لروح هذا النبي الذي ألهم عقول البشر في هذا العصر، و قرَّبهم بأجيال عدة إلى الخالق " الله" جلت عظمته بعدهم بعصور و عصور، فكان يوم شُموخ العلم يوما مشهودا وتكريسا لأُمّنا الطبيعة بورودها يومٌ بلاَ مساء لكنه يوم ولا اسمى وأفخم حتى حسبنا أنه زمن مستل من الجنة و يوم الآزفة التي كافئ فيها الرب العظيم خلقه عوض أن يحاسبهم ، صباح كان بطوله وعرضه للورود وللإحتفالات في ضحى الخلود و الحياة الربيع في حياة EUM EST ، بيد أنهم لم يسعدوا باحتفالاتهم غير بضع سويعات لينقلب بعدها السّحر على السّاحر، إذ دخلوا على إثره مساءاﹰ نكِدا أثقلهم بالهم والقلق وأحال علمائهم وساستهم من قادة الإنسانية في جميع الأرض والكون إلى هياكل لأجساد بدون أرواح.

بعد الواحدة زوالاﹰ خَلُص تقرير كل وسائل الإعلام الكونية حينذاك بأن الكون على حافة زوال حتمي ، وإذ ببراكين عنيفة لم يكن لها موقع على الخرائط تنْشُط ، فإنتاب العالم ذُعر شديد في مساء ذلك اليوم المشؤوم ، ومن السيئ إلى الأسوء إستقبل العالم الأحزان تلو الأحزان ، فما إن حلّت الساعة الثالثة والنصف حتى تحدثت الأنباء عن تصدُّعات جدُ خطيرة على كوكب الأرض ، فيما تكون إنفجرات هائلة على الشمس مؤشر قوي لا ريب منه على قرب نهاية العالم ، وبتسارع سرى إختلال توازن الكواكب القريبة للأرض ، حيث تسببت القوى الكهرومغنطيسية المتداعية بين الأرض و الشمس في عدم تحمّل القمر وانفجاره الشديد ، وإلى تسارع حركة دوران الأرض وإبتعادها عن مدارها حول الشمس بسرعة قياسية ، وبتصدُّعات عميقة جدّ خطيرة على كامل قشرتها الخارجية ، وما إن حلّ عصر ذلك اليوم حتى بدأ الخلق يدعو بالرّحمة لسكان القمر وأجزاء من المريخ ، الذي هو الآخر إبتعد عن الشمس وتأثر بتساقط أقمارهِ عليه فأُبيدت الإنسانية في المريخ كما أُبيدت في القمر.
وكان مازال حينئذ بصيص أمل في نجاة الأرض غير أن شيئاﹰ من هذا القبيل لم يحدث ، فكانت نهاية ذلك المساء حزينة بانفجارات أعمق وأشد على كل سطح الشمس رصدتها أعين علماء الأرض ، ممّا أدى إلى إبتعاد الأرض عن الشمس وتجمُّدها المطرد ، كأنه تنافر قطبَيْ مغناطيس ضمن مادة سريعة اللزوجة والتكاثف والإنضغاط كالدهان بين الشمس ونجم المرأة المسلسلة ، فحتمية الإنتهاء ورفع الحجاب كان قضاء و قدر لا مردّ له ومأساة صنعها الانسان بعجرفتهِ ؛ إنه الإنفجار العظيم وإنفلاق لحبّة الجُرم إلى أجزاء متناثرة بالتوافق مع إنفجار الشمس الهائل وانطفائها.

ــ كنت أعتقد حسب معرفتي العلمية البسيطة أن الشمس لابد أن لا تنطفئ لكي يكون هناك بعث لابد من أن تبقى فوتونات الضوء نفسها كي تتعرف على بطاقة هوية صاحب الجسد المبعوث  ، فالفُتونات الوحيدة التي بإمكانها معرفة ذلك ، مثلها مثل نظام HMT على جدار الخلايا الحية.

ــ أحسنت. أوافقك لكن من قال لك أن الشمس تنطفئ من داخلها أيضا ، فحجم الشمس الداخلي أكبر بكثير من مساحة السطح و سيبقى متقدا عندما ينطفئ سطحها.

وفي غمرة جرد حكاية الصديق SMF  للنهاية المؤسفة والتراجدية للإنسان من على وجه الكون ، و نشر الرّب من جديد لمخلوقاته وإعادة بعثهم ، كان الإنتظار. وما هي إلاّ لحظات حتى ظهرت أخيرا تسابيح هالة مستنيرة غمرت كل الأرض المُعادة التكوين : إنها أنوار ساطعة لم نشهد مثلها من قبل فسحقاﹰ من كان قد أبا وإستكبر؛ فيها نهايات مزركشة بلون عجيب لم نرى مثلها في الحياة ، فحقا طوبا لنا ، أنا وصديقي SMF لمّا بِتنا معهم أخيرا أمام نور الله العظيم نلمح ، وقاب قوسين أو أدنى نخْلد بنوره ، فقد تجلّى لنا ربُّنا ذو الجلالة والاكرام لنلقى من لدنه الحساب الوعد.. والاشراقة الملحقتنا به ، ولكني لم أكن على علم ما حيّر صديقيSMF   الذي وقف متعجبا كالمعتوه حزينا ممتنعاﹰ عن الكلام ونحن في حضرة ربّنا بعد طول إشتياق ، فسألته مغتاظاﹰ من تصرفاته :

ـــ  ماخطبك يا أستاذ SMF ؟

فقال : ـــ " إنه الغياب الكلّي للأنبياء والرُّسل وعظام الإنسانية الذين عرفهم عصري يا صديقي"

ـــ "وعصري أنا أيضاﹰ فمالك ويحك ونحن في يوم مكرمة لا يوم مشامة. ربّما أن الله أراد أ ن يعلّم عباده بأنهم ها هنا أمامه سواسية كأسنان المشط ، كما كانوا في الحياة الدنيا " قلت.
author-img
موقع تنويري فكري وشبه أكاديمي، يتغيا تقديم إضافات نقدية تخص تحليل الخطابات الثقافية ونظرية النقد والأدب متوسلا بجماليات التلقي والنقد الثقافي، كما يعنى بنشر إبداع قصصي جديد ليس له ما يماثله على الساحة الجزائرية، والمقال المتناول للشؤون السياسية والإعلامية والاجتماعية المقاربة للظاهرة الأدبية والمحاكية المكملة لها.

تعليقات