بوزيان bouziane
"الدّاب" والمِسطَرة
"عن النثر الشعري سأحدثكم
أو دعنا نقول عن قصة (قصة شعرية غائبة البديهة)" قال الأستاذ الذي أطلق عليه
أعراب الحي الذي يقطن فيه اسم الدّاب، قال لطلبته ذلك وهو لا يعلم أنه يكاد بقصّه هذا يقص عليهم
سيرته كأستاذ جامعي، أستاذ للهندسة المدنية، في ورشته للهندسة المدنية التي يتصل
بها مخدعان واحد له، على يمين الصف والآخر على شماله لمعاوِنَتِه، عون الورشة، وهي آنسة تضع
حجابا فتبدو كأنها متدينة واسمها آنسة، ويبدو أنه قد سرت فيه عادة تكرهها هذه
المساعدة وهي مناداتها بالمسطرة عندما يطلب منها إحضار المسطرة، والمسطرة في عالم
الهندسة مسطرات، منها ما هو طويل ومنها ما هو قصير ومنها ما هو مستدير ومنها ما هو معقوف..،
وكأنه ولنقص حضور بديهته الشعورية أثناء العمل، تجعله لا يكلف نفسه وزن كلامه في
اتّصاله مع الغير بخاصة الأوانس، ولا يشي بالنسبة لطلبته أو بالنسبة لنا تكلفه وتأنقه في اختيار ألفاظه ـ كونه شاعرا ـ إخلاصه للعمل
بقدر ما يشي اختلال توازنه النفسي ربما إثر تبحره
الكبير في العلوم بشكل غير متزن أي بعناد وإفراط ومشاكسة أحيانا، فعنوان الاتزان
مفردة ونتيجة تؤدي إليها جميع سلوكيات حياته، وإلى النخاع ظلّ صاحبنا مستهترا في
كلامه يضمر سخرية ولا يضمرها عندما يطلب منها إحضار تلك المسطرة المعقوفة على
منكبيها دون غيرها، وكانت تكره مناداتها بالمسطرة عندما يرفع صوته بحضرة الطلبة
قائلا: المسطرة، المسطرة اين هي تلك المسطرة المعقوفة؟
وبسرعة تظهر أمام الطلبة الآنسة مسطرة
بلحمها ودمها الذي يكاد يغلي.. وإنما تخشى إن هي تباطأت لقيت مصير من سبقوها وهو
الفصل أو التحويل إلى عمل شاق، وكان لسان حاله المجازي كأنه يقول لها مع كل طلب
يطلبه منها أن النساء ألوان مثل ألوان مسطرات الهندسة، بيد أنك منهن تحتلين مكانة
المسطرة المعقوفة المنطوية على عودها، ولما كان هذا الأستاذ هواية كغيره من
المتخصصين في العلوم الدقيقة ضَلَعَ في دراسة هوايته في أوقات الفراغ حتى ارتقى في
علومه الشعرية والنقدية وأصبح الناس لا يعرفون أن الدكتوراه التي يحملها في
الهندسة المدنية، بل يعتقدون أنها في علوم الشعر ونقد الشعر؟
وقد جاء اليوم الذي وجد بيت امرئ القيس:
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من علي
مكتوبا على طاولة الورشة لم يغضب، ولكنها فرصته التي من خلالها ينظر إلى ألوان الناس من حوله نظرة ثقافية ويعممها حتى على منطقه العلمي؛ فإذا كنت عبقريا في الهندسة وملتحيا ترتدي لباسا تقليديا فالعدالة والمساواة حينئذ تقتضي ألا نضطهد العلم وليس ألا نضطهد صاحب العلم..ثم إنه قد أعجبهم كثيرا لما أطرق يفسره لهم تفسيرا عجبا، وإلى درجة جعلت أحدهم يسأله لما وثق في نفسه أن الدّاب يحب الخوض في الشعر وفيه ما يبدد الوقت فقال: ــ هات حدثنا عن الأديان يا أستاذ، فماذا تقول عن الأديان أأباطيل هي من صنع البشر؟ أم حقيقة ثابتة تستدعي الإيمان للهداية والصلاح أولا وأخيرا؟ فإننا فتشنا فرأينا أن معشر الشعراء أكثر الناس طعنا في الدين.
ــ (صمت لثواني) أشعر أن
من بين جميع الأديان الكثيرة هناك دين حق من عند الله تبارك وتعالى ولا تنتظر مني
أن أقول لك كيت وكيت، عدد سكان الكرة الأرضية وصل إلى 7 مليار و647
مليون نسمة، فيهم 6.4 مليار تقريبا منهم ينتمون إلى أديان مختلفة، و1.2 مليار فقط
لا ينتمون إلى ديانات، بل إن هناك دين واحد لا أكثر يقترب من.. وهو
لم يُعرف إلى الآن.
أما أن يكون.. أما أن.. أن يكون.. أن يكون من عند
خالق هذا الكون قلبا وقالبا فمستحيل. برأيي أه مستحيل.. شيء مستحيل.
"ــ وقد قلت ذلك
فعلا" قالت المسطرة في سرها والتي تظاهرت برد المسطرة إلى مكانها كي تتصنّت
لما يقوله الداب لهم.
..وقد قلتها بعظمة لسانك
بحثنا فلم نجد أفضل من الشعراء طعنا في الدين، فكما شعر المتنبي شعر المعري وكما
شعر أبو نواس شعر بودلير وكما شعر سرفنتاس شعر نيرودا.. والشعر قول نكتبه.. يعني
حبر أسود على بياض، بلى فكما كتب جبران وكان شاعرا منذ قرن مضى ونشر عبر المجلات
الورقية يفعل راوي هذا الزمان ولا مهمات مستحيلة فالنكبة كل النكبة والانتكاسة كل
الانتكاسة ان لا نشعر وان لانكتب، والآن في عشرية العشرينات وعبر المواقع
الإلكترونية فيه ملايين من كتابات جبران التي كتبها في نفس العشرية لكن قبل قرن
مضى وكانت انضج كتابات أدبا وفكرا وظلت هي لحد الساعة.. وقد يكون الشعور شعور مهما
اتسم في عصرنا بمعاشرة منطق العقل. لكن لا نستطيع الجزم إن كانت تلكم الكتابات
ستلقى رواج كتابات جبران أم لا، لأن العصر قد تغير، ناهيك أن العرب اليوم تغيرت
هوياتهم وأصبحوا هم والعجم في لغتهم وأدبهم سواء.. أو لم تسمعوا ذلك المغني الذي يغني
قول الشاعر الحب مغامرة كبرى، كذلك الاعتقاد والشعر مغامرة كبرى فالأنبياء
والمرسلين والشعراء سواء..
ــ إذن لا يوجد دين حقيقي من عند الله ما دمت قلت
به ولم تحدده ؟
ــ كلا، لكن لن أقول لك
من هو، حتى لا تتهمني وزملاءك بالعنصرية لكن هناك أمارات سيميو ثقافية انتقلت من
نبي لآخر تشي بانها تعود لأحدهم وقد اصطفتها في أحدهم وجعلتها بما هي قوة ربانية مختزلة
في بشر لتجعل منه ايقونة سيميائية كونية لله والبعث والموت والميلاد وغيرها من أمور
الغيب التي لا يوجد أي دليل عقلي عليها.
ــ لم تزد الأمور الا
تعقيدا وغموضا، فما تلك الأيقونة، وضح لنا؟
ــ انظر من حولك ستجد أن الأنبياء
والرسل كلهم متساوين إما في المعجزات التي جاءوا بها واما في التأثير على عدد غير
هين من البشر تأثيرا غير مباشر، أي من دون اشتراط المعجزة العينية للإيمان بالنسبة
للأجيال اللاحقة، ثن أن أي كارثة قد تهلك قوي هذا الكون ستجعل من اشد البشر اتباعا
لنبيهم يطغون في الأرض ويصفّون حساباتهم مع من كان تحت حماية اقوى في العالم التي
اهلكتها الكوارث الطبيعية أعني بذلك إسرائيل فيتكالبون لتقطيعها إربا إربا.
(وسجلت آنسة مسطرة هذه
النقطة أيضا بعد أن أدركت أن ما سمعته خلسة، ولو أنها لم تسجله، سيكون فرصة لا
تتكرر تنتهزها للوشاية بهذا الدّاب القذر الذي جعل منها مذلة الصف، من ثم عزله
والاتيان بأستاذ آخر يقدر على الأقل النساء..)
ومن غدها ذهبت المسطرة متظاهرة
انها تساعد صديقتها المنظفة لمكتب المدير لتشي بي ولي امرها الدّاب قائلة في سرها:
(إذا لم أخلعك فلا تدعوني جميلة يا وحد الدّاب، تدعو الطلبة الى الالحاد
والمروق وتدعو ذلك شعرا.. لم أسجل كلامك لكن الله سينصرني عليك.. أنا متأكدة وهذه فرصتي..
سينصرني على دواب الأرض التائهة في بساتين أسيادها) وحين وصلت وجدت السيد المدير يحاور رئيس عامل النظافة بعد ان رآه يطيل
المكوث في مكان اختلاء عاملات نظافته فأراد أن يعنفه بطريقة ذكية قائلا له:
ــ علمت أنك تقرأ بورخيس يا السي
موح، فأنى لك هذا وأنت لا تعرف القراءة والكتابة؟
ــ لا تقل هذا يا سيد الرئيس لقد تعلمتها، تعلمت القراءة والكتابة مؤخرا
فقط في مدرسة محو الأمية.
ــ حقا؟
ــ بلى يا سيدي.. بلى؟
ــ وتعلمت الإسبانية؟
ــ لالا أما هذه فلا..
ــ... أتهزأ بي ويحك فان بورخيس يكتب بالإسبانية.
فتنهدت المسطرة شفقة على
رئيس عاملات النظافة لإذلاله بتلك الطريقة فقررت أن لا تشي بعمايل الداب وتتركها
لفرصة أخرى مواتية. ثم عندما انصرف سألها: ـ من يكون بورخيس هذا أم أنه كان يعني إذلالي
أمامكن؟
ــ بلى، وقد فعل، فماذا
أنت فاعل بين النسوان تجوس بينهن والمخادع والمراحيض مختالا؟
ــ يا سلام وهل نسيتِ نفسك حيث تبيتين كل يوم في حجر السيد الدّاب هناك معه
في ورشته؟
..؟؟ لم تقنط آنسة لكنّها
سبته وانصرفت، وكانت بمثابة شهادة لها أنه قد آن الأوان لتترك ورشة الأستاذ الداب،
وافتعلت حادثة تكسير المسطرة المعقوفة لتكتب مديرية الموظفين تقريرا ردًا عن شكاية
الأستاذ ضد مجهول بالرغم انها اعترفت أنها من كسرتها ورفعته للمدير الذي وافق على
تغيير عملها، ولم تسترح منه نهائيا لأنه أوّل كسرها للمسطرة تأويلا شعوريا كدأبه،
حيث راح طالبا يدها لشقيقه الأصغر، ولكن السيد داب قد جن جنونه لما رفضته.
وتحولت المسطرة وهي آنسة إلى
مكتب على مرمى حجر من ورشة الداب، مكتب جميعه نساء، ويقوم بوظائف متعددة قد تشمل
مساعدة الأسلاك المشتركة، وكان هناك شاب وحدي نحيل الجسم يصلي كثيرا في حجابته
التي منها يوصل الشاي لمن يطلبه ويقوم بأعمال أخرى، وتطورت العلاقة بينهما بعدما
عرفت أنه ابن المدير المستقيم الأخلاق مثلها، إلى أن وصل إلى الزواج العرفي، وبما
أنها تقيم بعيدا عن الجامعة كثيرا ما كانت تبقى في المكتب أو تتجول بين الأقسام
إلى غاية مزاولة الدوام، ولكن في المرات التي يتعطل العمل ويغادر الجميع بعد منتصف
النهار تلج الحجابة من بابها الخلفي وتبقى فيها معه إلى ما بعد الزوال، و ذات يوم
هرع ابن المدير النحيل يبحث عند طبيب الجامعة طلبا لتطبيب شخصا ما، فطرق يبحث ويبحث
ولكن الطبيب والكل كانوا قد غادر لفطورهم إلا السيد الداب الذي كان مازال معتكفا
في ورشته:
ــ الحقني يا سيدي الحقني
أُغمِي على السيدة آنسة! ماذا الآنسة آنسة أو تزوجتها حتى أصبحت سيدة أاههه أههه أههه
ثم
مضى معه في وجل فوجدها في حالة نفسية غريبة وفي حالة متقدمة من إفراط الهيام
بالجنس وكان السيد الداب طويلا وعريضا فوضع ابن المدير مسطرته على ظهره وأمره وساقه
إلى السيارة كالدابة تماما، ولم يرفض "الدكتور دِابْ" رغم بشاعة المشهد وتمزيقه للصدور.. وربما لأنه كان
شاعرا لم يرفض، نعم قد وصل الأمر بالسيد الدكتور المحترم في جامعته بأن يلعب دور
الدّاب اسما على مسمى، ووضع السيدة التي رفضت شقيقه زوجا وارتضت ممارسة البغاء مع
من ترضاهم على ظهره كالداب، ويضعها في سيارته ثم يعرج بها إلى أقرب عيادة.. وفوق
هذا وذاك لا يخفي حنينا وإنسانية وشفقة على مستقبل مسطرة العلم أقصد مستقبل السيدة
آنسة.
ثم ما إن أفاقت بطلتنا على رائحة مازوت سيارة
الدكتور أستاذ الهندسة حتى بدأت تهذي مصروعة وهي جذلى شبقا وهياما: "رائحة المازوت رائحة المازوت"
في الوقت الذي أدرك السيد الشاعر السيد
الأستاذ الداب فيه ليترجل شعره متأخرا، الشعر الذب كانت تذمه مسطرته وكل ذلك على
سيرة المازوت لا سيرة الورد او حتى ماء الورد، فكانت قريحته الشعرية لم تندفع
منفجرة أجاجا إلا من خلال أجاج قصيدة المازوت:
لا مطر ولا ثلج هنا في قمة الجبل العالية
لا فول ولا بازلاء هنا على منبسط الأرض الخالية
ولا هنا بين الوهادين والمنحدرات التالية
لا،لا، لا.. لا بيع ولا شراء اليوم في هاذي السوق البالية
والتالية هل أركن إلى القباء الواطية؟
لا،لا،لا.. لن أرضى بغير القمم
الشماء
فلن أركن إلى الساحات الجاثية
من اليوم فصاعدا سأبتعد عن بقع المازوت
أجل سأبتعد.. بعد هذا اليوم سأكون كالمسطرة
ولا يبين بين ما أسطر وما أسطر غير
خفقان
خفقان صبح غافق كالصعود إلى.. تلك النفس الحرة
ونسيم اللظى لظى مجمرة كانون
ورأيت أني انسب اليها السحب البيض
كلما حمى وطيس المسطرة
من نسيم أيلول وخيزران الأرض ما يروي وينعش
لا،لا، لا ليست جنة عدن
ولا قمم نيسابور العالية ما رأيت
تلك المزن الساقطة تروّي الأرض
هاجس ظلي غيما ما رأيت؟
ينزل بردا وسلاما على
مسطرة!
كالعجاج ينزل على الأجيج
هكذا أصحاب الأوزان والآلة
.. انها الحقيقة العارمة
يا مسطرة
وإثرها سيول مهلكة تساقطت
في عشيات من الحيرة والدلع، فتكالب العرب مسلمين وأمازيغ، أسلاك مشتركة وغير
مشتركة على الجامعة وكأنها السماء تساقط صواريخها قططا مجرحة أطلقتها المقاومة على
إسرائيل لتقطيعها اِربا إِربا، هذا ما لاح
للسيد داب للوهلة الأولى بعد أن أدرك أنه أصبح مؤهلا لقول الشعر أكثر من أي
وقت مضى، لكن بعد أن تحولت الجامعة الى مأوى لكل من لا مأوى له، وابتعد كثيرا عن
جو المسطرة فأطرق وقال رباعيته ثم مات.. مسكين، علمهم المسكين ثم مات، ومِن يوم
ولدته أمه إماما للهندسة ليخوض معترك الشعر ما رأى المسكين غير وعيد وحقد النساء
وهو دكتور لذلكم كان قد أخبرهم يومها قائلا ما هو بشعر؛ "عن النثر الشعري سأحدثكم أو دعنا نقول عن قصة (قصة شعرية
غائبة البديهة)"؛ في ذلك اليوم الذي حقدت عليه مسطرته، وقد اتخذها ابن
المدير قصة حقيقية حاضرة البديهة وكأن شيئا لم يكن.
: رباعية نجوم الورى
أُلهِمتُ ساعة اقترب الأجل
ألهِمتُ ساعة اقترب القمر
ساعة انفجر القمر
وسمعت صراخهم يوم نفخ في
السور
حجيج الرحمن من كل فج
عميق
"لبيك وسعديك لبيك لا شريك
لك لبيك"
كالثلج جلابيبهم تلون صبح
برسفونيا الحديقة
ومتطاولون بيض السيقان
نابتون من حبات الرمل
ومن كل فج عميق خرجوا
من كل شق ومن كل اخدود
خرجوا
"لبيك الله ما لبيك إن
الحمد والملك لك لبيك"
وسمعت لحظة صراخهم نور
القمر
لكن لم أرَ القمر أم تراه
قد انفجر
عويل ملايين البشر
ليخرجهم من الظلمات إلى
النور
* * *
ألهِمتُ ساعة اقترب الأجل
ألهمتُ ساعة اقترب القمر
ساعة انكشف الحجاب
وسمعت صراخهم يوم الدينونة
ملائكة الرحمن من كل حدب وصوب
كالغيوم جلابيبهم تلون صبح برسفونيا الحديقة
ومتطاولون بيض السيقان نازلون من سبع الألى
ومن كل سماء هبطوا عاكفين
من كل شق نزلوا خميسا مقدسا
" ربنا العظيم نصلي ونقدس لمجدك "
وسمعت لحظة صراخهم دجى الشمس
لكن لم أر شمس
أم تراها قد انطفأت شمسُ
وعويل ملايين البشر؛ أين القمر؟
ليدخلهم في أنوار ملكوته
* * *
ألهمتُ ساعة
اقترب الأجل
ألهمتُ ساعة اقتراب
القمر
ساعة انفجر القمر
وسمعت صراخهم
كشياطين من الجن
من فج حام وهو
فحيح
" اليوم لا لبيك
ولا سعديك قُدِست النار يا قدُّوس"
كالدم جلابيبهم
تلون صبح برسفونيا الحديقة
ومتطاولون حمر
السيقان نابتون من حبّات النتن
ومن كل فج عميق
خرجوا كالشهب
من كل شق ومن كل
اخدود خرجوا كاللهب
"لا لبيك ولا
سعديك اليوم النار النار "
وسمعت لحظة
صراخهم اليوم لا غير النار
لكن لم نرَ النار
غير عويل ملايين
الظلال
وقد اختنقوا
بالدخان
ليخرجهم منه
ويدخلهم مغارة بلّحمر
* * *
ألهمتُ ساعة اقترب الأجل
ألهمتُ ساعة اقترب القمر
ساعة انفجرت نجوم
وسمعت صراخهم يوم دكت النجوم
حتى انفجر عرش الرحمن
أين خلقي ليمجد اسمي، قدّس اسمي
"قُدُّوس قدُّوس وماء ماء نحيي الأرض"
كالريح الصرصر جلابيبهم من وحي صبح برسفونيا الحديقة
ومتطاولون خضر السيقان نابتون من حبات الرمل
ومن كل بئر عميق خرجوا
سيلا ومنبت وبستان
وحقل عزيز .. خرجوا
" قُدُّوس قُدُّوس وماء ماء نحيي ملك الحياه"
وسمعت لحظة صراخهم هطول المطر
لكن لم أرَ المطر يغشاهم
أم تراه قد انفجرت عيون
وعويل ملايين النبات يبكون
ليخرجهم من الجوع إلى النور
نحن ظمأى اليك منك وإليك.
أنتم الأعلون قدستم اسمي اعطيتكم مجدي